الحجـــز
طرقات على باب المبيت كادت أن تخلعه من مكانه .. مختلطة بأصوات صرخات و استغاثات من طارقيها العساكر البعاكيك اللي صحوني من أحلى نومة الله يخرب بيوتهم ... حيث كانت أول ليله أقضيها في مبيت الظباط ( بعد ما اتحسن وضعي الآدمي قليلاً داخل الكتيبة ) !
: ميييييييييييييييييييييييييييييييييييييين ؟ : إفتح يا دكتور أحمد .. افتح بسرعه الله يخليك !!
: فيه إيه يابنى انت و هو !!! ... ده احنا نص الليل !!
: العسكري بسطاوي ما بيردش منطق !!
نفضت عنى غطائي و انطلقت معهم كالبرق باتجاه العيادة ... وجدت جمهرة من العساكر يقفون على باب العيادة ... يحملون على أيديهم ... بسطاوي .. تسيل من رأسه الدماء ... فاقد النطق .. و الحركة ... و كل شيء !! فتحت العيادة على عجل .... ثم بعد فترة كشف قصيرة جداً ... عرفت أن بسطاوي قد أسلم روحه إلى بارئه ... غالبت دموعي و أنا أسأل من حوله
: فيه إيه يابني ؟ ... إيه اللي حصل بالظبط ؟
: و الله يا دكتور و لا حاجة .. ده كان بيهزر مع حسين , و بعدين قعدوا يشدوا من بعض البطانية .. وقع على الأرض من فوق السرير ... دماغه خبطت في العمود .. و بعدين من ساعتها ماردش منطق !!
أخذت الحكاية على علاتها , و انطلقت هرولة إلى مبيت العميد قائد الكتيبة .. حيث كان مازال فى بلكونته الأرضيه .... محاطاً – كالعادة – بنصف دائرة المنافقين المتواجدين دائماً حوله , طالما كان خارج غرفته الخاصة !
: لو سمحت يافندم ... عندنا مشكلة
: مشكلة ايه يا دكتور ... خير !
: العسكرى بسطاوى ...... اتوفى !!
هب واقفاً من على كرسيه .. و تلاه النصف دائرة ... ثم قال و قد تلعثمت حروف الكلمات داخل فمه
: ماااات !! ... يانهار إسود !!! ... ده احنا عندنا لجنة تفتيش حرب جاية بكرة !!
تطوع الصول جمال بالحل العبقري , قائلاً :
: طيب يا دكتور .. مافيش مشكلة ... خده و اطلع على مستشفى سيدي برانى العسكرى , و قول لهم انه تعبان شوية ..و ما تقولشي إنه ميت , عشان ( يلبسوه ) بعيد عننا !
لمعت عيني العميد بتلك الفكرة التى تلخص غباء العسكر كلهم فى نظرة واحدة , قائلاً:
: الله ينور عليك يا جمال .... أيوة ... خده يا دكتور و قول لهم انه تعبان شوية !
: يافندم الواد ميت ... إزاى يعنى أقول لهم و أنا دكتور , إنه تعبان شوية !!
: نفذ الأمر يا دكتور .... إتفضل !! و خد معاك الصول جمال و الظابط النباطشي , و خلصوا الموضوع بعيد عن الكتيبة !
أنصرفت من عند العميد , و أنا لا أدري ماذا أفعل !!!
بعد لحظات , جاءت السيارة ال (نيفا )... لنحمل فيها بسطاوى ... إلى مستشفى سيدى برانى العسكرى ... حيث حملناه إلى غرفة الكشف ... قام إليه طبيب الطوارىء ليكشف عليه , موجهاً كلامه لى :
: إنت الدكتور اللى جاى معاه
: أيوة
: خير ماله ؟
: .................
: بيشتكي من ايه يا دكتور ؟
: .........................
نظر لى الدكتور و هو فى طريقه للكشف على بسطاوى , قائلاً :
: خير يا دكتور .. مش بتتكلم ليه ؟
نظرت إليه .. فقط نظرت .... و قد تحجر الكلام داخل فمى .. لم ينطق لسانى بجملة ( أصله تعبان شوية !!) .. بل تملكنى الصمت المطبق , حتى قال الدكتور فى دهشة أول ما بدأ الكشف عليه
: الواد ميت يا دكتووور !!
: عارف إنه ميت ... حضرتك !
: أومال جبتوه هنا ليه و هو ميت ؟
: أوامر يا سيدى .... أوامر !!!!
.. إبتسم فى موقف لا يحتمل الابتسام أبداً , قائلاً :
: معلش ..أنا فاهم ... هى أيام سودة ... و ان شاء الله حتعدى
: طيب , المهم , ايه العمل دلوقت ؟
: و لا حاجة .. هتاخدوا العسكرى الميت , و تروحوا بيه مستشفى سيدى برانى العام .. عشان عندهم تلاجة هناك .. و بعدين تطلعوا على النيابة العسكرية , تبلغوا بالواقعة !
إنطلقت بنا ال ( نيفا ) إلى مستشفى سيدي برانى العام , حيث حملنا بسطاوى ... إلى ثلاجة الموتى ... ثم أكملنا رحلتنا إلى النيابة العسكرية .. حيث تجاوزت الساعة الثالثة صباحاً .. و لا أحد هناك إلا عسكرى خارج المبني .. و شاويش داخله !! إنصرف الصول جمال مع الظابط (على ) فى ال( نيفا ) , بحجة إحضار أوراق العسكرى من الكتيبة و العودة مرة أخرى .. بينما دخلت أنا و العسكرى حسين و العسكرى أسامة لنواجه الشاويش الذى يشبه إلى حد كبير ... الشاويش ( عطية ) !!
: فيه إيه يا عسكرى إنت و هو ؟
: فيه حادثة وفاه , و جايين نبلغ عنها
: وفاه !!!!!!!!!!! ... قتلتوا مين يا بهيم انت و هو ؟
: بهيم !!! ... لو سمحت يا شاويش ... أنا دكتور الكتيبة !!
: نعم نعم نعم !!! .... دكتور !!! .. و ايه اللى ملبسك عسكرى كده ؟؟
: ما هو أنا دكتور , لكن عسكرى
: هاهاهاهاهاهاهاهاها..... ده انت مش قاتل بس .. لا و كذاب كمان !!
: كذاب ايه و قاتل ايه !!! ... بأقول لك أنا الدكتور , و العسكرى اتوفى فى خناقة مع واحد صاحبه , و أنا جاى أبلغ عن الحادثة ... بس !!
: الكلام ده تقوله بكرة لوكيل النيابة .... هههههه .. قال دكتور قال !!
: بكرة !! ... هو انا هاستنى هنا لبكرة ؟؟؟؟
: لا طبعاً .. و دى تيجي !! ... انت هتشرف جوة فى الحجز .. ياللا انجر انت و هو قدامى !!
....
جلست على ( مصطبة ) خرسانية فى غرفة الحجز ... يجاورنى العسكرى ( حسين ) و العسكرى ( أسامة ) ... الظلام يسيطر على معظم معالم الغرفة الباردة ... بينما تسرب ضوء خافت يأتى من خلال الباب الحديدي !
ارتكنت برأسي إلى الحائط , مستسلماً لإرادة أغبي خلق الله .. منتظراً بلا حول و لا قوة حتى يأتى الصباح و يأتى معه وكيل النيابة , عله يفهم قليلاً أكثر من هذا الكائن المنزوع عنه العقل و التفكير و التمييز و كل شيء !!
:إسمك إيه ؟
: أحمد محمود رفاعي
: قتلت الولد ليه ؟؟
: ولد مين اللى قتلته حضرتك ؟
: انت حتستعبط ياض و لا إيه ؟؟ الواد دمه لسه ما نشفش !!
: و أنا مالي يافندم ؟
: أومال يعنى ملقحينك فى الحجز من امبارح ليه ؟ بيتباهوا بجمال اللى خلفوك ؟
: يافندم كده ما يصحش !!
: و انت بقى اللى حتعلمنى اللى يصح و اللى ما يصحش ؟ انت بتشتغل ايه فى الكتيبة يااض ؟
: دكتور !
: نعم يا خويا !!! إنت بتستعبط يااض ؟
: و الله دكتور !! و المصحف دكتور !!
: ورينى الكارنية بتاعك !
: اتفضل !
: دكتور !!!! غريبة أوي !! و إيه اللى حطك فى الحجز يا دكتور ؟
:جاي مع العسكرى اللى مات حضرتك امبارح .. حطوا العسكرى فى التلاجة , و حطونى أنا فى الحجز !!!
: هههههههههههههه معلش يا دكتور ما تزعلش مني .. و مين بقى اللى حطك فى الحجز ؟؟
: إسأل حضرتك الشاويش اللى بره اللى رمينى فى الحجز من امبارح !!
... يا شاويش حسن !! إنت يا زفت !!
: تمام يافندم !
: إنت إيه اللى خلاك تحط الدكتور فى الحجز يا هباب إنت ؟؟؟
: هو ضحك عليك ياباشا و لا إيه ؟؟ ما هو برضه قال لى كده امبارح !!
: و انت ايش عرفك إنه بيضحك عليا يا روح أمك ؟
: هو فيه برضه دكتور عسكرى !!! كل الدكاترة ظباط يا باشا ... و لا يعنى اكمنه لابس نضارة يعني !! .. أرجعه الحجز يا باشا ؟؟
طرقات على باب المبيت كادت أن تخلعه من مكانه .. مختلطة بأصوات صرخات و استغاثات من طارقيها العساكر البعاكيك اللي صحوني من أحلى نومة الله يخرب بيوتهم ... حيث كانت أول ليله أقضيها في مبيت الظباط ( بعد ما اتحسن وضعي الآدمي قليلاً داخل الكتيبة ) !
: ميييييييييييييييييييييييييييييييييييييين ؟ : إفتح يا دكتور أحمد .. افتح بسرعه الله يخليك !!
: فيه إيه يابنى انت و هو !!! ... ده احنا نص الليل !!
: العسكري بسطاوي ما بيردش منطق !!
نفضت عنى غطائي و انطلقت معهم كالبرق باتجاه العيادة ... وجدت جمهرة من العساكر يقفون على باب العيادة ... يحملون على أيديهم ... بسطاوي .. تسيل من رأسه الدماء ... فاقد النطق .. و الحركة ... و كل شيء !! فتحت العيادة على عجل .... ثم بعد فترة كشف قصيرة جداً ... عرفت أن بسطاوي قد أسلم روحه إلى بارئه ... غالبت دموعي و أنا أسأل من حوله
: فيه إيه يابني ؟ ... إيه اللي حصل بالظبط ؟
: و الله يا دكتور و لا حاجة .. ده كان بيهزر مع حسين , و بعدين قعدوا يشدوا من بعض البطانية .. وقع على الأرض من فوق السرير ... دماغه خبطت في العمود .. و بعدين من ساعتها ماردش منطق !!
أخذت الحكاية على علاتها , و انطلقت هرولة إلى مبيت العميد قائد الكتيبة .. حيث كان مازال فى بلكونته الأرضيه .... محاطاً – كالعادة – بنصف دائرة المنافقين المتواجدين دائماً حوله , طالما كان خارج غرفته الخاصة !
: لو سمحت يافندم ... عندنا مشكلة
: مشكلة ايه يا دكتور ... خير !
: العسكرى بسطاوى ...... اتوفى !!
هب واقفاً من على كرسيه .. و تلاه النصف دائرة ... ثم قال و قد تلعثمت حروف الكلمات داخل فمه
: ماااات !! ... يانهار إسود !!! ... ده احنا عندنا لجنة تفتيش حرب جاية بكرة !!
تطوع الصول جمال بالحل العبقري , قائلاً :
: طيب يا دكتور .. مافيش مشكلة ... خده و اطلع على مستشفى سيدي برانى العسكرى , و قول لهم انه تعبان شوية ..و ما تقولشي إنه ميت , عشان ( يلبسوه ) بعيد عننا !
لمعت عيني العميد بتلك الفكرة التى تلخص غباء العسكر كلهم فى نظرة واحدة , قائلاً:
: الله ينور عليك يا جمال .... أيوة ... خده يا دكتور و قول لهم انه تعبان شوية !
: يافندم الواد ميت ... إزاى يعنى أقول لهم و أنا دكتور , إنه تعبان شوية !!
: نفذ الأمر يا دكتور .... إتفضل !! و خد معاك الصول جمال و الظابط النباطشي , و خلصوا الموضوع بعيد عن الكتيبة !
أنصرفت من عند العميد , و أنا لا أدري ماذا أفعل !!!
بعد لحظات , جاءت السيارة ال (نيفا )... لنحمل فيها بسطاوى ... إلى مستشفى سيدى برانى العسكرى ... حيث حملناه إلى غرفة الكشف ... قام إليه طبيب الطوارىء ليكشف عليه , موجهاً كلامه لى :
: إنت الدكتور اللى جاى معاه
: أيوة
: خير ماله ؟
: .................
: بيشتكي من ايه يا دكتور ؟
: .........................
نظر لى الدكتور و هو فى طريقه للكشف على بسطاوى , قائلاً :
: خير يا دكتور .. مش بتتكلم ليه ؟
نظرت إليه .. فقط نظرت .... و قد تحجر الكلام داخل فمى .. لم ينطق لسانى بجملة ( أصله تعبان شوية !!) .. بل تملكنى الصمت المطبق , حتى قال الدكتور فى دهشة أول ما بدأ الكشف عليه
: الواد ميت يا دكتووور !!
: عارف إنه ميت ... حضرتك !
: أومال جبتوه هنا ليه و هو ميت ؟
: أوامر يا سيدى .... أوامر !!!!
.. إبتسم فى موقف لا يحتمل الابتسام أبداً , قائلاً :
: معلش ..أنا فاهم ... هى أيام سودة ... و ان شاء الله حتعدى
: طيب , المهم , ايه العمل دلوقت ؟
: و لا حاجة .. هتاخدوا العسكرى الميت , و تروحوا بيه مستشفى سيدى برانى العام .. عشان عندهم تلاجة هناك .. و بعدين تطلعوا على النيابة العسكرية , تبلغوا بالواقعة !
إنطلقت بنا ال ( نيفا ) إلى مستشفى سيدي برانى العام , حيث حملنا بسطاوى ... إلى ثلاجة الموتى ... ثم أكملنا رحلتنا إلى النيابة العسكرية .. حيث تجاوزت الساعة الثالثة صباحاً .. و لا أحد هناك إلا عسكرى خارج المبني .. و شاويش داخله !! إنصرف الصول جمال مع الظابط (على ) فى ال( نيفا ) , بحجة إحضار أوراق العسكرى من الكتيبة و العودة مرة أخرى .. بينما دخلت أنا و العسكرى حسين و العسكرى أسامة لنواجه الشاويش الذى يشبه إلى حد كبير ... الشاويش ( عطية ) !!
: فيه إيه يا عسكرى إنت و هو ؟
: فيه حادثة وفاه , و جايين نبلغ عنها
: وفاه !!!!!!!!!!! ... قتلتوا مين يا بهيم انت و هو ؟
: بهيم !!! ... لو سمحت يا شاويش ... أنا دكتور الكتيبة !!
: نعم نعم نعم !!! .... دكتور !!! .. و ايه اللى ملبسك عسكرى كده ؟؟
: ما هو أنا دكتور , لكن عسكرى
: هاهاهاهاهاهاهاهاها..... ده انت مش قاتل بس .. لا و كذاب كمان !!
: كذاب ايه و قاتل ايه !!! ... بأقول لك أنا الدكتور , و العسكرى اتوفى فى خناقة مع واحد صاحبه , و أنا جاى أبلغ عن الحادثة ... بس !!
: الكلام ده تقوله بكرة لوكيل النيابة .... هههههه .. قال دكتور قال !!
: بكرة !! ... هو انا هاستنى هنا لبكرة ؟؟؟؟
: لا طبعاً .. و دى تيجي !! ... انت هتشرف جوة فى الحجز .. ياللا انجر انت و هو قدامى !!
....
جلست على ( مصطبة ) خرسانية فى غرفة الحجز ... يجاورنى العسكرى ( حسين ) و العسكرى ( أسامة ) ... الظلام يسيطر على معظم معالم الغرفة الباردة ... بينما تسرب ضوء خافت يأتى من خلال الباب الحديدي !
ارتكنت برأسي إلى الحائط , مستسلماً لإرادة أغبي خلق الله .. منتظراً بلا حول و لا قوة حتى يأتى الصباح و يأتى معه وكيل النيابة , عله يفهم قليلاً أكثر من هذا الكائن المنزوع عنه العقل و التفكير و التمييز و كل شيء !!
:إسمك إيه ؟
: أحمد محمود رفاعي
: قتلت الولد ليه ؟؟
: ولد مين اللى قتلته حضرتك ؟
: انت حتستعبط ياض و لا إيه ؟؟ الواد دمه لسه ما نشفش !!
: و أنا مالي يافندم ؟
: أومال يعنى ملقحينك فى الحجز من امبارح ليه ؟ بيتباهوا بجمال اللى خلفوك ؟
: يافندم كده ما يصحش !!
: و انت بقى اللى حتعلمنى اللى يصح و اللى ما يصحش ؟ انت بتشتغل ايه فى الكتيبة يااض ؟
: دكتور !
: نعم يا خويا !!! إنت بتستعبط يااض ؟
: و الله دكتور !! و المصحف دكتور !!
: ورينى الكارنية بتاعك !
: اتفضل !
: دكتور !!!! غريبة أوي !! و إيه اللى حطك فى الحجز يا دكتور ؟
:جاي مع العسكرى اللى مات حضرتك امبارح .. حطوا العسكرى فى التلاجة , و حطونى أنا فى الحجز !!!
: هههههههههههههه معلش يا دكتور ما تزعلش مني .. و مين بقى اللى حطك فى الحجز ؟؟
: إسأل حضرتك الشاويش اللى بره اللى رمينى فى الحجز من امبارح !!
... يا شاويش حسن !! إنت يا زفت !!
: تمام يافندم !
: إنت إيه اللى خلاك تحط الدكتور فى الحجز يا هباب إنت ؟؟؟
: هو ضحك عليك ياباشا و لا إيه ؟؟ ما هو برضه قال لى كده امبارح !!
: و انت ايش عرفك إنه بيضحك عليا يا روح أمك ؟
: هو فيه برضه دكتور عسكرى !!! كل الدكاترة ظباط يا باشا ... و لا يعنى اكمنه لابس نضارة يعني !! .. أرجعه الحجز يا باشا ؟؟