الموقع الرسمي للدكتور أحمد رفاعي

  • الرئيسية
  • محاضراتي - فيديو
  • محاضراتي - بور بوينت
  • case of the week
  • أعمال من تصويري
  • أعمال من رسوماتي
  • قصص قصيرة
  • اتصل بنا
Picture
الحجـــز

طرقات على باب المبيت كادت أن تخلعه من مكانه .. مختلطة بأصوات صرخات و استغاثات من طارقيها العساكر البعاكيك اللي صحوني من أحلى نومة الله يخرب بيوتهم ... حيث كانت أول ليله أقضيها في مبيت الظباط ( بعد ما اتحسن وضعي الآدمي قليلاً داخل الكتيبة ) !

: ميييييييييييييييييييييييييييييييييييييين ؟ : إفتح يا دكتور أحمد .. افتح بسرعه الله يخليك !!

: فيه إيه يابنى انت و هو !!! ... ده احنا نص الليل !!

: العسكري بسطاوي ما بيردش منطق !!

نفضت عنى غطائي و انطلقت معهم كالبرق باتجاه العيادة ... وجدت جمهرة من العساكر يقفون على باب العيادة ... يحملون على أيديهم ... بسطاوي .. تسيل من رأسه الدماء ... فاقد النطق .. و الحركة ... و كل شيء !! فتحت العيادة على عجل .... ثم بعد فترة كشف قصيرة جداً ... عرفت أن بسطاوي قد أسلم روحه إلى بارئه ... غالبت دموعي و أنا أسأل من حوله

: فيه إيه يابني ؟ ... إيه اللي حصل بالظبط ؟

: و الله يا دكتور و لا حاجة .. ده كان بيهزر مع حسين , و بعدين قعدوا يشدوا من بعض البطانية .. وقع على الأرض من فوق السرير ... دماغه خبطت في العمود .. و بعدين من ساعتها ماردش منطق !!

أخذت الحكاية على علاتها , و انطلقت هرولة إلى مبيت العميد قائد الكتيبة .. حيث كان مازال فى بلكونته الأرضيه .... محاطاً – كالعادة – بنصف دائرة المنافقين المتواجدين دائماً حوله , طالما كان خارج غرفته الخاصة !

: لو سمحت يافندم ... عندنا مشكلة

: مشكلة ايه يا دكتور ... خير !

: العسكرى بسطاوى ...... اتوفى !!

هب واقفاً من على كرسيه .. و تلاه النصف دائرة ... ثم قال و قد تلعثمت حروف الكلمات داخل فمه

: ماااات !! ... يانهار إسود !!! ... ده احنا عندنا لجنة تفتيش حرب جاية بكرة !!

تطوع الصول جمال بالحل العبقري , قائلاً :

: طيب يا دكتور .. مافيش مشكلة ... خده و اطلع على مستشفى سيدي برانى العسكرى , و قول لهم انه تعبان شوية ..و ما تقولشي إنه ميت , عشان ( يلبسوه ) بعيد عننا !

لمعت عيني العميد بتلك الفكرة التى تلخص غباء العسكر كلهم فى نظرة واحدة , قائلاً:

: الله ينور عليك يا جمال .... أيوة ... خده يا دكتور و قول لهم انه تعبان شوية !

: يافندم الواد ميت ... إزاى يعنى أقول لهم و أنا دكتور , إنه تعبان شوية !!

: نفذ الأمر يا دكتور .... إتفضل !! و خد معاك الصول جمال و الظابط النباطشي , و خلصوا الموضوع بعيد عن الكتيبة !

أنصرفت من عند العميد , و أنا لا أدري ماذا أفعل !!!

بعد لحظات , جاءت السيارة ال (نيفا )... لنحمل فيها بسطاوى ... إلى مستشفى سيدى برانى العسكرى ... حيث حملناه إلى غرفة الكشف ... قام إليه طبيب الطوارىء ليكشف عليه , موجهاً كلامه لى :

: إنت الدكتور اللى جاى معاه

: أيوة

: خير ماله ؟

: .................

: بيشتكي من ايه يا دكتور ؟

: .........................

نظر لى الدكتور و هو فى طريقه للكشف على بسطاوى , قائلاً :

: خير يا دكتور .. مش بتتكلم ليه ؟

نظرت إليه .. فقط نظرت .... و قد تحجر الكلام داخل فمى .. لم ينطق لسانى بجملة ( أصله تعبان شوية !!) .. بل تملكنى الصمت المطبق , حتى قال الدكتور فى دهشة أول ما بدأ الكشف عليه

: الواد ميت يا دكتووور !!

: عارف إنه ميت ... حضرتك !

: أومال جبتوه هنا ليه و هو ميت ؟

: أوامر يا سيدى .... أوامر !!!!

.. إبتسم فى موقف لا يحتمل الابتسام أبداً , قائلاً :

: معلش ..أنا فاهم ... هى أيام سودة ... و ان شاء الله حتعدى

: طيب , المهم , ايه العمل دلوقت ؟

: و لا حاجة .. هتاخدوا العسكرى الميت , و تروحوا بيه مستشفى سيدى برانى العام .. عشان عندهم تلاجة هناك .. و بعدين تطلعوا على النيابة العسكرية , تبلغوا بالواقعة !


إنطلقت بنا ال ( نيفا ) إلى مستشفى سيدي برانى العام , حيث حملنا بسطاوى ... إلى ثلاجة الموتى ... ثم أكملنا رحلتنا إلى النيابة العسكرية .. حيث تجاوزت الساعة الثالثة صباحاً .. و لا أحد هناك إلا عسكرى خارج المبني .. و شاويش داخله
!! إنصرف الصول جمال مع الظابط (على ) فى ال( نيفا ) , بحجة إحضار أوراق العسكرى من الكتيبة و العودة مرة أخرى .. بينما دخلت أنا و العسكرى حسين و العسكرى أسامة لنواجه الشاويش الذى يشبه إلى حد كبير ... الشاويش ( عطية ) !!

: فيه إيه يا عسكرى إنت و هو ؟

: فيه حادثة وفاه , و جايين نبلغ عنها

: وفاه !!!!!!!!!!! ... قتلتوا مين يا بهيم انت و هو ؟

: بهيم !!! ... لو سمحت يا شاويش ... أنا دكتور الكتيبة !!

: نعم نعم نعم !!! .... دكتور !!! .. و ايه اللى ملبسك عسكرى كده ؟؟

: ما هو أنا دكتور , لكن عسكرى

: هاهاهاهاهاهاهاهاها..... ده انت مش قاتل بس .. لا و كذاب كمان !!

: كذاب ايه و قاتل ايه !!! ... بأقول لك أنا الدكتور , و العسكرى اتوفى فى خناقة مع واحد صاحبه , و أنا جاى أبلغ عن الحادثة ... بس !!

: الكلام ده تقوله بكرة لوكيل النيابة .... هههههه .. قال دكتور قال !!

: بكرة !! ... هو انا هاستنى هنا لبكرة ؟؟؟؟

: لا طبعاً .. و دى تيجي !! ... انت هتشرف جوة فى الحجز .. ياللا انجر انت و هو قدامى !!

....

جلست على ( مصطبة ) خرسانية فى غرفة الحجز ... يجاورنى العسكرى ( حسين ) و العسكرى ( أسامة ) ... الظلام يسيطر على معظم معالم الغرفة الباردة ... بينما تسرب ضوء خافت يأتى من خلال الباب الحديدي !

ارتكنت برأسي إلى الحائط , مستسلماً لإرادة أغبي خلق الله .. منتظراً بلا حول و لا قوة حتى يأتى الصباح و يأتى معه وكيل النيابة , عله يفهم قليلاً أكثر من هذا الكائن المنزوع عنه العقل و التفكير و التمييز و كل شيء !!

:إسمك إيه ؟

: أحمد محمود رفاعي

: قتلت الولد ليه ؟؟

: ولد مين اللى قتلته حضرتك ؟

: انت حتستعبط ياض و لا إيه ؟؟ الواد دمه لسه ما نشفش !!

: و أنا مالي يافندم ؟

: أومال يعنى ملقحينك فى الحجز من امبارح ليه ؟ بيتباهوا بجمال اللى خلفوك ؟

: يافندم كده ما يصحش !!

: و انت بقى اللى حتعلمنى اللى يصح و اللى ما يصحش ؟ انت بتشتغل ايه فى الكتيبة يااض ؟

: دكتور !

: نعم يا خويا !!! إنت بتستعبط يااض ؟

: و الله دكتور !! و المصحف دكتور !!

: ورينى الكارنية بتاعك !

: اتفضل !

: دكتور !!!! غريبة أوي !! و إيه اللى حطك فى الحجز يا دكتور ؟

:جاي مع العسكرى اللى مات حضرتك امبارح .. حطوا العسكرى فى التلاجة , و حطونى أنا فى الحجز !!!

: هههههههههههههه معلش يا دكتور ما تزعلش مني .. و مين بقى اللى حطك فى الحجز ؟؟

: إسأل حضرتك الشاويش اللى بره اللى رمينى فى الحجز من امبارح !!

... يا شاويش حسن !! إنت يا زفت !!

: تمام يافندم !

: إنت إيه اللى خلاك تحط الدكتور فى الحجز يا هباب إنت ؟؟؟

: هو ضحك عليك ياباشا و لا إيه ؟؟ ما هو برضه قال لى كده امبارح !!

: و انت ايش عرفك إنه بيضحك عليا يا روح أمك ؟

: هو فيه برضه دكتور عسكرى !!! كل الدكاترة ظباط يا باشا ... و لا يعنى اكمنه لابس نضارة يعني !! .. أرجعه الحجز يا باشا ؟؟