حالة تيبيكال
الحلقة الرابعة من : المصري الفهلوى ... و الأجنبي ... الغلبان أوى !!
قصة اليوم , مفهومة تماماً بالنسبة للأطباء , و بالنسبة لغير الأطباء , فهى برضه مفهومة , ان شاء الله
قصة اليوم واقعية و حدثت بحذافيرها , و قد تناول مثلها قبل ذلك الكاتب الطبيب عصام الشماع فى قصته الشهيرة ( طالع النخل ) , و قام عبد الله محمود بتمثيلها في فيلم آنذاك
اليوم اكتفيت بما يفعله المصري الفهلوي .. أما الأجنبي .. الغلبان أوى , فلا أعتقد أن يكون قد وصل إلى مسامعهم مثل هذا السلوك الغير موجود في أي من دول العالم !!
.................................................
جلسنا على أريكة خشبية متهالكة , فى العيادة التى تقبع فى الدور الثاني من إحدى البنايات القديمة بميدان المنشية ..
اليوم هو موعد المراجعة النهائية لامتحان عملي الباطنة .. و الدكتور مصطفى ما زال لديه بعض المرضى في غرفة الانتظار .. قطعنا الملل بمراجعه ما تعلمناه فى الدروس السابقة ... كيف نقيس الضغط دون وضع السماعة !! ... كيف نقيس درجة الحرارة دون وضع الترمومتر !! .. كيف نفرق بين أمراض القلب المختلفة باستخدام السماعة و جهاز الضغط فقط , دون أن نلمس المريض !!
.. هكذا علمنا الدكتور مصطفى , أو كما قال : كله بالفكاكة !!
فرغت العيادة أخيراً من المرضى ... و لم يبق سوانا , و أحد الأشخاص , منتفخ الأوجان , يقف وحيداً يدخن سيجارة فى الشباك المطل على الميدان !
ياللا يا دكاترة ... الدكتور مصطفى مستنيكم جوه
بصوتٍ متحشرج , قالها عم مغازى .. تمرجى العيادة العجوز ضئيل الحجم و الصوت و هو ممسكٌ بجردل ماء , مشمراً بنطلونه , متأهباً ( لتسييق ) العيادة بعد يوم حافل !
دخلنا إلى غرفة الكشف , التى استحالت فى دقائق إلى غرفة للدروس الخصوصية ... سبورة بيضاء برزت من خلف مكتب الدكتور مصطفى , الذى ترك مقعده , نازعاً عن نفسه البالطو الأبيض ليبرز كرشه الذى لم يفلح قميصه فى ستره كلية ً , فبرز من أسفله , متدلياً أعلى البنطلون .... . إلتقط قلماً أحمر عريض , مستديراً باتجاه السبورة , كاشفاً عن ( خلفية ) تماثل حجم كرشه , ثم قال بصوته الجهورى : النهاردة عندنا حالة إمتحان مضمونة يا ولاد .. يعنى تقدروا تقولوا كده ال10 درجات بتاعتها فى جيبكم من دلوقت !!
ثم كتب :
... ( ميترال ستينوزيس و الميترال ريجيرج )Mitral stenosis and Mitral regurge
: بصوا بقى يا ولاد .. مافيش أسهل فى الدنيا من تشخيص ( الميترال ستينوزيس ) , و( الميترال ريجيرج) .. وزى ما قلت لكم قبل كده ... كله بالفكاكة ... إزاي تِبلِف الممتحن و تكلفته و تحطه فى عبك و انت حاطط رجل على رجل !
لو حطيتوا السماعة على صدر المريض , و سمعت : لاب ... ضاب ... لاب ... ضاب , تبقى ميت فل و اربعتاشر.... ( ميترال ستينوزيس ) و انت مغمض بالصلاه على النبي !
أما لو سمعت : لاب لاب .. ضاب ضاب ... لاب لاب .. ضاب ضاب , يبقى انت بتلعب فى ( الميترال ريجيرج ) يا سيدي , و انت سايب ايدك !
لا تقولى بقى ( بيركاشان ), و لا خد نفس ... و لا طلع نفس .. و لا كح ... و لا تقيس لى ضغط , و لا دياوله .. خلص خلص على طول و انجز , و بالطريقة دى تكتب ( الشيت ) بتاعك فى دقيقتين و تخلص الحالة قبل الممتحن ما يخلص فنجان القهوة بتاعه , خلاااص ... مفهوووم ؟؟
: مفهوم يا دكتور !
: طيب .. نطبق الكلام ده بقى عملى ... الحالة اللى معانا النهاردة , حالة تيبيكال ( ميترال ستينوزيس )... هو قاعد برة دلوقت , هو أغلى من غيره شوية لأن حالته تيبيكال , لكن يستاهل .. بحبحوا ايدكم معاه شوية !
ثم نادى بأعلى صوته :
: يااااااا عجمى
و ما هى إلا ثوانٍ , ليدخل علينا منتفخ الأوجان ذو السيجارة
: مساء الخير يا توكتور
: ازيك يا عجمى .. أخبارك ايه ؟ .. مش قلت لك تبطل السجاير اللى حتجيب أجلك دى ؟
: معلش بقى يا توكتور ... الكيف غلاب حدرتك !
: طيب يا عجمى .. يللا اخلع الفانلة عشان الدكاترة يكشفوا عليك
: على تول يعنى كده حدرتك ؟ .. مش برضه يعنى , حدرتك يعني ......
: ماتقلقشي يا عجمى ... الدكاترة حيشبرأوك كويس .. هم عارفين انها أيام امتحانات و مش حيقصروا معاك ...
بخبرة واضحة , اتخذ عجمى مجلسه على الشيزلونج .. معرياً نصفه الأعلى تماماً ... فى حين جاء من على يمينه الدكتور مصطفى ممسكاً سماعته الطبية , ثم وضعها على صدره...... سكت و استرق السمع قليلاً .. ناظراً إلى سقف غرفة الكشف ..مغمضاً عينيه ..... متمتماً مهمهماً ... قائلاً فى همسٍ مسموع للجميع :
تمام ... أمممممم ... تمام تمام ....... أمممممم ... تمام تمام ... تيبيكال ... تي ... بي ....كااااااااااا ال !
تعالوا بقى ياولاد , و اسمعوا , و أنا حأمسك لكم السماعة .. ركزوا كويس ..( تيبيكال ميترال ستينوزيس )... حتسمعوا : لاب ... ضاب .... لاب ... ضاب , على أصول أصولها ... مين حيبدأ ؟
: أنا يا دكتور
: تعالي يا عم أحمد .. و زى ما قلت لك .. معاك حالة ( تي .... بي ... كااااااال )... لاب ... ضاب .... لاب .... ضاب
وضعت السماعة فى أذنى .. فى حين ثبت آخرها الدكتور مصطفى على صدر عجمى , و لم أسمع إلا ضجيجاً مثل قطارٍ فقد عجلاته !!
... نظرت إلى الدكتور مصطفى , و قبل أن أهم بفتح شفتاى , إلا و قال بصوته الأجش : إيييييييييييييييه رأيك ؟ .. بأقولك ... تي ... بي ... كاااااااااااااااااااااال . صح ؟
: صح يا دكتور , بس الضربات شوية مشوشة
: إسمع تانى و ركز ... مش حتشوف حالة ( تيبيكال ) زى دى تانى ... أي نعم الخبرة لها دور , لكن الحالة دى حالة درس ...( تيبيكال ميترال ستينوزيس ).. تعالى اسمع تانى
سمعت ما سمعته أولانى , لكنى خشيت أن أتهم بالغباء , خاصة مع إصرار الدكتور مصطفى على أنها حالة تيبيكال !! , فقلت : فعلاً يا دكتور ... لاب ... ضاب .. لاب ... ضاب !
ياللا ......مين اللى بعد أحمد ؟
جاء من بعدى , ثم تلاه الآخرون , و فعل مثلما فعلت , وفعل الدكتور مصطفى مثلما فعل معى , صائحاً : شفت بقى ؟ زى ما قلت لك بالضبط تي ... بي .... كااااااااااااااااال ......... لاب ... ضاب ... لاب .... ضاب . احفظوها و اطبعوها فى دماغكم زى ما هى كده .. عشان تفرقوا بينها و بين الميترال ريجيرج , اللى حتكون : لاب لاب ... ضاب ضاب ... لاب لاب ... ضاب ضاب , ماشى؟
ثم بعد أن انتهينا جميعاً من الكشف على عجمى - المريض المزمن - الذى ( لهف ) عشره جنيهات من كل منا , دار حوار قصير خافت , لكنه مسموع , يينه و بين الدكتور مصطفى , غلفته بعض الجدية
: شوف لى حالة ( انكيلوزيس ) يا عجمى ضرورى .. عندى مجموعة بكرة بالليل !!
: هم اتنين بس يا توكتور عندهم ( انكيلوسس ).. (عبعزيز) و ( محمه على )
: شوف لى أى واحد فيهم !
: المشكلة حدرتك إن ( عبعزيز ) تعبان اليومين دول , و( محمه على ) هو اللى شغال فى السوق لوحده
: خلاص .. شوف لى محمد على !
: بس ( محمه على ) ضاعف أجرته الايام دى عشان هو لوحده !!
: مش حنختلف يا عجمى , كلمه و احجزه لى , و أنا و الولاد حنراضيه كويس .. احنا مقصرناش معاه قبل كده !
: ماشي يا تكترة .. سلام بقى عشان عندى مجموعة تانية
: بالسلامة يا عجمى
ثم إلتفت إلينا ,مبتسماً ابتسامة ثقة قائلاً : خلاص يا ولاد ؟ .. عرفتوا الفرق بين الستينوزيس , و الريجيرج ؟ .. عايزكم بقى و انتم مروحين دلوقت , تراجعوا اللى خدناه ده و تحفظوه زى أساميكم بالظبط ... ياللا بالسلامة .
خرجنا من عياده الدكتور مصطفى منهمكين طوال الطريق بمراجعه ما درسناه و محاوله عدم الخلط بين لاب ... ضاب ...لاب .. ضاب , ميترال ستينوزيس ......, و لاب لاب ... ضاب ضاب ... لاب لاب ... ضاب ضاب, ميترال ريجيرج .
و بعد عده أيام كان أول يوم للإمتحان العملى .. تم توزيعنا من قبل النائب المختص على بعض الأَسرَّة فى العنبر , و انت و بختك يابو بخيت !!
استعنت ببعضٍ من آيات الذكر الحكيم , متمتماً بكل الأدعية التى أحفظها بأن ييسر لى الله كل عسير .
إقتربت من السرير المقرر أن يحتوى ( حالة إمتحانى ) .. وجدت مريضاً مستلقياً على جنبه الأيسر .. ثم بعد أن ألقيت عليه السلام مرتجفاً , إستدار ليعطينى وجهه , ليقفز قلبي من مكانه فرحاً !! فلم يكن مريضى إلا ................. عجمى !!
يابركة دعاكي يامّه !!!
: حبيبي يا عجمى , يا وش الخير .. ال 10 درجات مضمونة يا عجمى .. لاب .. ضاب .. لاب .. ضاب .. تيبيكال ميترال ستينوزيس يا أحلى عجمى فى الدنيا !
: هههههههههههههه طيب بس ما تفرحشي أوى كده بس يا توكتور !
: و مين قالك إنى فرحان ؟ .. ده أنا حأطير من الفرحة .. لاب .. ضاب ... لاب ... ضاب . . ميترال ستينوزيس ... تي ... بي .... كااااااااااااال
: يا توكتور صدقنى .. و لا ميترال ستينوسس , و لا ميترال ريكيرش !!
: يعنى ايه مش فاهم !!!!
: هههههههههههههههههه يعنى أنا لا عندى ده , و لا ده !!
: أومال ال لاب ... ضاب ... لاب ... ضاب , اللى سمعناه ده كان ايه ؟
: يا توكتور احنا حندحك على بعضشينا !! .. بذمتك إنت سمعت حاجة من دى ؟
: أ أ أ يوة .. طبعاً .. سمعت .. هو كان مشوش شوية , لكن سمعت !! .. و الدكتور مصطفى قال لنا انها تيبيكال ميترال ستينوزيس !
: خلاص ... إنت حر ... ميترال ستينوسس .. ميترال ستينوسس .. براحتك يا تكترة .. و كلها دقايق و ييجى الممتحن و يمتحنك بنفسه !
: طيب يا عجمى , أومال إنت عندك إيه ؟
إعتدل من نومته , متكئاً على المخدة , رافعاً طرفها , قائلاً بصوتٍ خفيض
: 30 جنيه !
: يا عجمى خليهم 20 , ده أنا لسه عندى اتنين مرضى تانيين بعدك !
: 30 جنيه يا توكتور .. ده الموسم بتاعنا و كل سنة و انت طيب !
أخرجت ال30 جنيه , و وضعتهم تحت طرف المخدة ..ثم سألته و الدهشة ما زالت تمسك بتلابيبي :
: يعنى انت ما عندكش ميترال ستينوزيس ؟
: هههههههههههه.. لأ .. أنا عندى ( أورتيك ستينوسس) , لكن التكتور مصطفى كان كل مره بيقدمنى للطلبه بتشخيص شكل , لأنه ما كانش بيلاقى مرضى يشرح عليهم !!!!!!
الحلقة الرابعة من : المصري الفهلوى ... و الأجنبي ... الغلبان أوى !!
قصة اليوم , مفهومة تماماً بالنسبة للأطباء , و بالنسبة لغير الأطباء , فهى برضه مفهومة , ان شاء الله
قصة اليوم واقعية و حدثت بحذافيرها , و قد تناول مثلها قبل ذلك الكاتب الطبيب عصام الشماع فى قصته الشهيرة ( طالع النخل ) , و قام عبد الله محمود بتمثيلها في فيلم آنذاك
اليوم اكتفيت بما يفعله المصري الفهلوي .. أما الأجنبي .. الغلبان أوى , فلا أعتقد أن يكون قد وصل إلى مسامعهم مثل هذا السلوك الغير موجود في أي من دول العالم !!
.................................................
جلسنا على أريكة خشبية متهالكة , فى العيادة التى تقبع فى الدور الثاني من إحدى البنايات القديمة بميدان المنشية ..
اليوم هو موعد المراجعة النهائية لامتحان عملي الباطنة .. و الدكتور مصطفى ما زال لديه بعض المرضى في غرفة الانتظار .. قطعنا الملل بمراجعه ما تعلمناه فى الدروس السابقة ... كيف نقيس الضغط دون وضع السماعة !! ... كيف نقيس درجة الحرارة دون وضع الترمومتر !! .. كيف نفرق بين أمراض القلب المختلفة باستخدام السماعة و جهاز الضغط فقط , دون أن نلمس المريض !!
.. هكذا علمنا الدكتور مصطفى , أو كما قال : كله بالفكاكة !!
فرغت العيادة أخيراً من المرضى ... و لم يبق سوانا , و أحد الأشخاص , منتفخ الأوجان , يقف وحيداً يدخن سيجارة فى الشباك المطل على الميدان !
ياللا يا دكاترة ... الدكتور مصطفى مستنيكم جوه
بصوتٍ متحشرج , قالها عم مغازى .. تمرجى العيادة العجوز ضئيل الحجم و الصوت و هو ممسكٌ بجردل ماء , مشمراً بنطلونه , متأهباً ( لتسييق ) العيادة بعد يوم حافل !
دخلنا إلى غرفة الكشف , التى استحالت فى دقائق إلى غرفة للدروس الخصوصية ... سبورة بيضاء برزت من خلف مكتب الدكتور مصطفى , الذى ترك مقعده , نازعاً عن نفسه البالطو الأبيض ليبرز كرشه الذى لم يفلح قميصه فى ستره كلية ً , فبرز من أسفله , متدلياً أعلى البنطلون .... . إلتقط قلماً أحمر عريض , مستديراً باتجاه السبورة , كاشفاً عن ( خلفية ) تماثل حجم كرشه , ثم قال بصوته الجهورى : النهاردة عندنا حالة إمتحان مضمونة يا ولاد .. يعنى تقدروا تقولوا كده ال10 درجات بتاعتها فى جيبكم من دلوقت !!
ثم كتب :
... ( ميترال ستينوزيس و الميترال ريجيرج )Mitral stenosis and Mitral regurge
: بصوا بقى يا ولاد .. مافيش أسهل فى الدنيا من تشخيص ( الميترال ستينوزيس ) , و( الميترال ريجيرج) .. وزى ما قلت لكم قبل كده ... كله بالفكاكة ... إزاي تِبلِف الممتحن و تكلفته و تحطه فى عبك و انت حاطط رجل على رجل !
لو حطيتوا السماعة على صدر المريض , و سمعت : لاب ... ضاب ... لاب ... ضاب , تبقى ميت فل و اربعتاشر.... ( ميترال ستينوزيس ) و انت مغمض بالصلاه على النبي !
أما لو سمعت : لاب لاب .. ضاب ضاب ... لاب لاب .. ضاب ضاب , يبقى انت بتلعب فى ( الميترال ريجيرج ) يا سيدي , و انت سايب ايدك !
لا تقولى بقى ( بيركاشان ), و لا خد نفس ... و لا طلع نفس .. و لا كح ... و لا تقيس لى ضغط , و لا دياوله .. خلص خلص على طول و انجز , و بالطريقة دى تكتب ( الشيت ) بتاعك فى دقيقتين و تخلص الحالة قبل الممتحن ما يخلص فنجان القهوة بتاعه , خلاااص ... مفهوووم ؟؟
: مفهوم يا دكتور !
: طيب .. نطبق الكلام ده بقى عملى ... الحالة اللى معانا النهاردة , حالة تيبيكال ( ميترال ستينوزيس )... هو قاعد برة دلوقت , هو أغلى من غيره شوية لأن حالته تيبيكال , لكن يستاهل .. بحبحوا ايدكم معاه شوية !
ثم نادى بأعلى صوته :
: يااااااا عجمى
و ما هى إلا ثوانٍ , ليدخل علينا منتفخ الأوجان ذو السيجارة
: مساء الخير يا توكتور
: ازيك يا عجمى .. أخبارك ايه ؟ .. مش قلت لك تبطل السجاير اللى حتجيب أجلك دى ؟
: معلش بقى يا توكتور ... الكيف غلاب حدرتك !
: طيب يا عجمى .. يللا اخلع الفانلة عشان الدكاترة يكشفوا عليك
: على تول يعنى كده حدرتك ؟ .. مش برضه يعنى , حدرتك يعني ......
: ماتقلقشي يا عجمى ... الدكاترة حيشبرأوك كويس .. هم عارفين انها أيام امتحانات و مش حيقصروا معاك ...
بخبرة واضحة , اتخذ عجمى مجلسه على الشيزلونج .. معرياً نصفه الأعلى تماماً ... فى حين جاء من على يمينه الدكتور مصطفى ممسكاً سماعته الطبية , ثم وضعها على صدره...... سكت و استرق السمع قليلاً .. ناظراً إلى سقف غرفة الكشف ..مغمضاً عينيه ..... متمتماً مهمهماً ... قائلاً فى همسٍ مسموع للجميع :
تمام ... أمممممم ... تمام تمام ....... أمممممم ... تمام تمام ... تيبيكال ... تي ... بي ....كااااااااااا ال !
تعالوا بقى ياولاد , و اسمعوا , و أنا حأمسك لكم السماعة .. ركزوا كويس ..( تيبيكال ميترال ستينوزيس )... حتسمعوا : لاب ... ضاب .... لاب ... ضاب , على أصول أصولها ... مين حيبدأ ؟
: أنا يا دكتور
: تعالي يا عم أحمد .. و زى ما قلت لك .. معاك حالة ( تي .... بي ... كااااااال )... لاب ... ضاب .... لاب .... ضاب
وضعت السماعة فى أذنى .. فى حين ثبت آخرها الدكتور مصطفى على صدر عجمى , و لم أسمع إلا ضجيجاً مثل قطارٍ فقد عجلاته !!
... نظرت إلى الدكتور مصطفى , و قبل أن أهم بفتح شفتاى , إلا و قال بصوته الأجش : إيييييييييييييييه رأيك ؟ .. بأقولك ... تي ... بي ... كاااااااااااااااااااااال . صح ؟
: صح يا دكتور , بس الضربات شوية مشوشة
: إسمع تانى و ركز ... مش حتشوف حالة ( تيبيكال ) زى دى تانى ... أي نعم الخبرة لها دور , لكن الحالة دى حالة درس ...( تيبيكال ميترال ستينوزيس ).. تعالى اسمع تانى
سمعت ما سمعته أولانى , لكنى خشيت أن أتهم بالغباء , خاصة مع إصرار الدكتور مصطفى على أنها حالة تيبيكال !! , فقلت : فعلاً يا دكتور ... لاب ... ضاب .. لاب ... ضاب !
ياللا ......مين اللى بعد أحمد ؟
جاء من بعدى , ثم تلاه الآخرون , و فعل مثلما فعلت , وفعل الدكتور مصطفى مثلما فعل معى , صائحاً : شفت بقى ؟ زى ما قلت لك بالضبط تي ... بي .... كااااااااااااااااال ......... لاب ... ضاب ... لاب .... ضاب . احفظوها و اطبعوها فى دماغكم زى ما هى كده .. عشان تفرقوا بينها و بين الميترال ريجيرج , اللى حتكون : لاب لاب ... ضاب ضاب ... لاب لاب ... ضاب ضاب , ماشى؟
ثم بعد أن انتهينا جميعاً من الكشف على عجمى - المريض المزمن - الذى ( لهف ) عشره جنيهات من كل منا , دار حوار قصير خافت , لكنه مسموع , يينه و بين الدكتور مصطفى , غلفته بعض الجدية
: شوف لى حالة ( انكيلوزيس ) يا عجمى ضرورى .. عندى مجموعة بكرة بالليل !!
: هم اتنين بس يا توكتور عندهم ( انكيلوسس ).. (عبعزيز) و ( محمه على )
: شوف لى أى واحد فيهم !
: المشكلة حدرتك إن ( عبعزيز ) تعبان اليومين دول , و( محمه على ) هو اللى شغال فى السوق لوحده
: خلاص .. شوف لى محمد على !
: بس ( محمه على ) ضاعف أجرته الايام دى عشان هو لوحده !!
: مش حنختلف يا عجمى , كلمه و احجزه لى , و أنا و الولاد حنراضيه كويس .. احنا مقصرناش معاه قبل كده !
: ماشي يا تكترة .. سلام بقى عشان عندى مجموعة تانية
: بالسلامة يا عجمى
ثم إلتفت إلينا ,مبتسماً ابتسامة ثقة قائلاً : خلاص يا ولاد ؟ .. عرفتوا الفرق بين الستينوزيس , و الريجيرج ؟ .. عايزكم بقى و انتم مروحين دلوقت , تراجعوا اللى خدناه ده و تحفظوه زى أساميكم بالظبط ... ياللا بالسلامة .
خرجنا من عياده الدكتور مصطفى منهمكين طوال الطريق بمراجعه ما درسناه و محاوله عدم الخلط بين لاب ... ضاب ...لاب .. ضاب , ميترال ستينوزيس ......, و لاب لاب ... ضاب ضاب ... لاب لاب ... ضاب ضاب, ميترال ريجيرج .
و بعد عده أيام كان أول يوم للإمتحان العملى .. تم توزيعنا من قبل النائب المختص على بعض الأَسرَّة فى العنبر , و انت و بختك يابو بخيت !!
استعنت ببعضٍ من آيات الذكر الحكيم , متمتماً بكل الأدعية التى أحفظها بأن ييسر لى الله كل عسير .
إقتربت من السرير المقرر أن يحتوى ( حالة إمتحانى ) .. وجدت مريضاً مستلقياً على جنبه الأيسر .. ثم بعد أن ألقيت عليه السلام مرتجفاً , إستدار ليعطينى وجهه , ليقفز قلبي من مكانه فرحاً !! فلم يكن مريضى إلا ................. عجمى !!
يابركة دعاكي يامّه !!!
: حبيبي يا عجمى , يا وش الخير .. ال 10 درجات مضمونة يا عجمى .. لاب .. ضاب .. لاب .. ضاب .. تيبيكال ميترال ستينوزيس يا أحلى عجمى فى الدنيا !
: هههههههههههههه طيب بس ما تفرحشي أوى كده بس يا توكتور !
: و مين قالك إنى فرحان ؟ .. ده أنا حأطير من الفرحة .. لاب .. ضاب ... لاب ... ضاب . . ميترال ستينوزيس ... تي ... بي .... كااااااااااااال
: يا توكتور صدقنى .. و لا ميترال ستينوسس , و لا ميترال ريكيرش !!
: يعنى ايه مش فاهم !!!!
: هههههههههههههههههه يعنى أنا لا عندى ده , و لا ده !!
: أومال ال لاب ... ضاب ... لاب ... ضاب , اللى سمعناه ده كان ايه ؟
: يا توكتور احنا حندحك على بعضشينا !! .. بذمتك إنت سمعت حاجة من دى ؟
: أ أ أ يوة .. طبعاً .. سمعت .. هو كان مشوش شوية , لكن سمعت !! .. و الدكتور مصطفى قال لنا انها تيبيكال ميترال ستينوزيس !
: خلاص ... إنت حر ... ميترال ستينوسس .. ميترال ستينوسس .. براحتك يا تكترة .. و كلها دقايق و ييجى الممتحن و يمتحنك بنفسه !
: طيب يا عجمى , أومال إنت عندك إيه ؟
إعتدل من نومته , متكئاً على المخدة , رافعاً طرفها , قائلاً بصوتٍ خفيض
: 30 جنيه !
: يا عجمى خليهم 20 , ده أنا لسه عندى اتنين مرضى تانيين بعدك !
: 30 جنيه يا توكتور .. ده الموسم بتاعنا و كل سنة و انت طيب !
أخرجت ال30 جنيه , و وضعتهم تحت طرف المخدة ..ثم سألته و الدهشة ما زالت تمسك بتلابيبي :
: يعنى انت ما عندكش ميترال ستينوزيس ؟
: هههههههههههه.. لأ .. أنا عندى ( أورتيك ستينوسس) , لكن التكتور مصطفى كان كل مره بيقدمنى للطلبه بتشخيص شكل , لأنه ما كانش بيلاقى مرضى يشرح عليهم !!!!!!