فاضي يا بوحميد ؟
: يعنى .. فيه كام حالة كده بأتابعهم : طيب تعالي معايا .. عملية زايدة حتساعد فيها و حتاخد عشرة جنيه : و العيانين اللى هنا ؟ : يابني هم فراخ ؟ .. ياللا ياللا .. حيحصل لهم ايه يعنى ؟ : طيب و لو جات حالة طارئة و لا حاجة ؟ : سهام حتتصرف : سهام مين ؟ : الممرضة بتاعه الإسعاف : ممرضة !!! .. إزاي ممرضة حتمشي الإسعاف يا د كامل ؟ : يابني انت نسيت نفسك ؟؟ .. ده انت لسة يا دوب إمتياز !!! سهام دى أحسن منى و منك ... قوم قوم ما تضيعش وقت .. ساعة زمن و حأرجعك تاني : حنروح فين ؟ : فى عيادة الدكتور خليفة .... نايب النسا ... فى العزبة اللى جنبا : نايب النسا ؟ .. و ده علاقته إيه بعملية ( زايدة ) ؟ : يابني انت لمض ليه ؟ ..هنا كله بيشتغل كله ... حتيجي و لا أشوف حد غيرك ؟ : حآجى , لكن معلش يعنى مش فاهم , هو الدكتور خليفة عنده مستشفى ؟ : عنده عيادة في بيته : و العملية دى حيعملها فى عيادته ؟ : أيوة طبعاً ... كل الدكاترة اللى هنا شغالين كده .. ياللا ياللا ما تعطلنيش .. عندى حالة تانية بعد حالة خليفة .... إنطلقت بنا السيارة ال124 , الخاصة بالدكتور كامل ... طبيب التخدير .. حيث ليلة ممطرة , لم تقوي مساحات سيارته على ملاحقة خراطيم المطر المنهمرة على زجاجها ... دقائق مرت قبل أن يترك الطريق الرئيسي منحدراً على طريق موحل غير ممهد , تأرجحت معه السيارة كثيراً .. الظلام يغلف كل شيء .. لا شيء إلا ما تكشفه أنوار السيارة من طريق ضيق , تحوطه مبانٍ عشوائية التصميم , متفاوتة الطول ... إستقرت السيارة أخيراً بجانب أحد البيوت , ثم جاء صوت الدكتور كامل : : ياللا يابوحميد .. إنزل بسرعة ... العياده أهه : فين يا دكتور كامل ؟ : يابنى جوة البيت ده ... ياللا انزل و خللى بالك , حاول تدوس على حتت ناشفه ترجلت من السيارة , و مازالت بقية من خراطيم المياة لم تقفل أفواهها بعد .. الظلام والمطر و الطمى يحوطون السيارة من كل جانب .., خطوات قليلة , لكنها ثقيله جداً , حتى دخلت من باب المنزل التى تقطن العيادة دورة الثاني ... مازال السواد يغلف كل شىء فى أسفل المنزل , مما إستدعى الدكتور كامل أن يصرخ بأعلى صوته : : خليييييييفه ..... ياااااا خليييييييييييفة : أيوة يا كاااااااامل : يابنى الدنيا تحت ضلمه خِرس : ثوانى حأنزل لك ( مغازى ) بالكلوب ... إنقشع الظلام تماماً على ضوء ( الكلوب ) الذى حمله مغازى ( تمورجى العيادة ) , حيث تكفل بقيادتنا إلى الدور الأعلى : اتفضلوا يا دكاترة ... اتفضلوا مر بنا مغازى من خلال ( زريبة ) للحيوانات .. رائحة روثهم تزكم الأنوف ... أحسست بقدمى و قد غاصت فى إحدى مخلفاتهم .. كان لا بد من أن نقتحم خلوتهم كى نصل إلى السلم المؤدى للعيادة فى الناحية المقابلة ... صعدنا حيث كان فى إنتظارنا الدكتور( خليفة ) أعلى السلم , مرتدياً ( بدله العمليات ) , و التى لم يستوعبها جسمه الضخم , فكانت مفتوحة تماماً من الخلف , و قصيرة تماماً فوق الركبة ..... إرتسمت على شفتية إبتسامة واسعة عندما رآنا ,و إستقبلنا بكل ترحاب: : يا أهلاً يا أهلاً , خشوا برجليكوا اليمين هاهاهاهاهاهاها : لا يمين و لا شمال .. خلصنا ياللا .. عندى حالة تانية بعد حالتك مع الدكتور دسوقى ! : كل حاجة جاهزة ياباشا .. حضرتك بس نيم لنا البنت , و نص ساعة و نخلص يا معلمي هاهاهاهاهاها ولجنا من صالة ضيقة , تعج بوجوه أعيتها السنون , ملامح قاسية يبدو عليها القلق , ما إن رأونا حتى إنتصبوا واقفين , ثم تداخلت أصواتهم جميعاً بدعوات للفريق الطبي ( أنا و كامل و خليفة ) بأن يوفقنا الله و يتم شفاء إبنتهم الراقدة فى غرفة العمليات !! غرفة عمليات !!!! يا نهار أسود و مهبب !!! ... زريبة للحيوانات فى الدور الأرضى , ثم غرفة عمليات فى الدور الثاني !!! .. لا حول و لا قوة إلا بالله !! داخل غرفة العمليات , كانت هناك فتاه .. يبدو أنها لم تبلغ الخامسة عشرة بعد .. ما إن رأت الفريق الطبي العالمى يدخل عليها , إلا و قد تملكها الذعر و الرعب و الخوف , ثم إنخرطت فى نوبة بكاء .. نظر إليها الدكتور خليفة و هو يقوم بتعقيم يديه فى الحوض المجاور : : بتعيطي علي إيه يا هبلة إنتى ؟؟؟ .. ده أنا جايب لك أحسن اتين دكاترة فى (الناحية) كلها يساعدونى فى العملية !! : خايفة أموت يا دكتور خليفه !! : تموتى !!! ... هاهاهاهاهاهاهاهاها ... يا بنتي دي عملية زايده !! أعملها لك و أنا مغمض !! هاهاهاهاهاهاهاهاها ... أخذت دورى فى التعقيم بعدما إنتهى الدكتور خليفة , فى حين راح الدكتور كامل يرتب حاجياته , و قد أشعل سيجارة , إمتلأ بدخانها المكان , قبل أن ينادى على مغازي ( آمراً ) إياه بكوباية شاى , لزوم المخمخة فى الشغل !! دقائق قليلة , كانت بعدها الفتاه ( بتاكل رز مع الملايكة ) ... شق الدكتور خليفة شقاً كبيراً فى أسفل بطنها لا يتناسب مع ما تستحقه عملية الزايدة من فتحة صغيرة , مما جعل الدكتور كامل يعلق قائلاً: : انت بتشق بطيخة يابني !!! ايه الفتحة دى كلها الله يخرب بيتك !! : إنت ياله مش شايف صوابعى قد إيه ؟؟ .. على قد ما توسعها , على قد ما ربنا يوسعها عليك هاهاهاهااهاهاهاها ... إنزوى الدكتور كامل فى ركن الغرفة , منفرداً مع سيجارتة و كوباية الشاى , في حين انهمكت أنا ( صامتاً ) فى مساعدة الدكتور خليفة , الذى دس يده كلها داخل بطن ( المسكينة ) , ثم راح يعبث بأصابعه , بحثاً عن الزائدة الملتهبه ! : هو ايه ده !!! ... هو فيه إيه !!! ... و بعدين بقى !!!! : فيه حاجة يا دكتور خليفة ؟؟ : طول بالك ياحاج أحمد ... ايييييه ده !! ... فييييه إيييييه !!!! : ايه يابنى مالك ؟؟ .. فيه إييه ؟ : و الله مانا عارف يا كامل فيه ايه ؟؟؟ .. حاجة غريبة كده حاسسها تحت ايدي !!! : حاجه غريبة يعني ايه ؟ : شكله كيس كبير كده !!!... تعالي شوف كده ! ... جاء الدكتور كامل و بصحبته كوباية الشاى و السيجارة , نظر من فتحة البطن التى أحدثها خليفة , ثم قال : :طيب وسع الفتحة أكتر , خلينا نشوف إيه ده !! .. أكمل الدكتور خليفة فتحته إلى أن أوصلها بالجانب الآخر من البطن , ثم برز كيساً ضخماً من أسفل البطن , نظرا إليه د خليفة و د كامل و قد تملكتهم الحيرة !! : ايه ده ياض يا كامل ؟ : كيس كبير زي مانت شايف كده !! : ياسلام !! جبت التايهة بروح اللى خلفوك !! .. مانا عارف انه زفت كيس ... طالع لنا منين ده ؟؟ : شكله طالع من المبيض !! : طيب , و بعدين ؟ .. أعمل إيه يعنى ؟ .. أبعت مغازى يجيب سيد أبو النجا الأخصائي بتاعى من العزبة اللى جنبنا ؟ : نعم ياروح أمك ؟؟ .. أنا عندى عملية تانية بعد عمليتك دى و مش عايز أتأخر .. و بعدين سيد أبو النجا حيعمل إيه غير إنه يشيله !!! ... شيل يا عم شيل ! : ده رأيك ؟ : يعنى إنت شايف فيه رأي تانى !!! .. شيل يا عم الحاج شيل , و ابقى قول لأهلها إن الزايدة كانت ملتهبة و إنك اضطريت توسع الفتحة شويتين ! .... و قبل أن يهم الدكتور خليفة بإستئصال هذا الكيس الضخم , جاء صوتى على إستحياء : : هو احنا قسطرنا المثانة بتاعه المريضة يا دكتور خليفة ؟ : هاهاهاهاهاها ... قسطرة ايه ياعم الحاج أحمد !! .. دى زايدة يابنى .. يعنى نص ساعة و المريضة تقوم ... نقسطرها ليه ؟ : يعني .. ده اللى قريته فى إجراءات ما قبل العمليات : اللى قريته ده يا حاج أحمد ما بياكلش معانا هنا ... اللى قريته شيء , و اللى بتعمله فى شغلك شىء تاني !! ... و قبل أن يهم الدكتور خليفة بما ينتويه من مجزرة داخل بطن المسكسينة بنت المساكين , قال له د كامل : : استني ياض يا خليفة , خلينا نقسطرها : هاهاهاهاهاهااها ... ايه ياعم كامل !! .. انت حتسمع كلام ( الميزو ) و لا إيه ؟؟؟؟ : استني يابني مش حنخسر حاجة ... دقيقة واحدة ... وضع دكتور كامل سيجارته غير مطفأه على طرف المكتب , ثم أدخل قسطرة بولية فى مثانة الغلبانة بنت الغلبانين , و إذا بهذا الكيس الضخم قد بدأ فى الإنحسار قليلاً قليلاً , إلى أن إختفى تماماً !!! ثم نظر إلى د خليفة قائلاً : : كنت حتشيل المثانة , الله يخرب بيت اللي جابوك !! |